"يأتينك سعيا" أي تصير فيهن حياة
------------------------------
كما أن السقاية (مؤنث) غير الصواع (مذكر)، فإن الحيّة (مؤنث) ليست الثعبان (مذكر).
المقصود بكلمة حيّة هو أن العصا (الجماد) صار فيها حياة، وأن السعي هو دليل الحياة.
"يَأْتِينَكَ سَعْيًا" في آية البقرة 260، السعي هو دليل الحياة في الجبال (الجامدة).
الفعل "أتى" غير الفعل "جاء". في آية البقرة الجبال لم تتحرك وإنما صار فيها حياة.
الفعل "رأى" غير الفعل "شهد". الرؤية تكون نوعا من التصور الفكري وليس العملي.
"وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" إطمئنان القلب عند إبراهيم يتحقق برؤية كيفية إحياء الله الموتى.
"قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ".
في هذه الآية لا يتحقق اطمئنان القلب بالرؤية النظرية بل يتعداها إلى المشاهدة العملية.
في آية البقرة اطمأن قلب إبراهيم بفهم عملية الإحياء التي كان فيها الطير رمزا للروح
والسعي دليل الحياة. وعليه فإنه لم يكن هناك ذبح ولا نتف ولا تقطيع للطير،
كما أن الجبال لم تتحرك من مكانها في هذه التجربة النظرية.
في قصة موسى "قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ" هناك ساخ الجبل فخرَّ موسى صعقا.
أمّا إبراهيم فلم يشاهد حركة للجبال ولم يخرّ صعقا وإنما فهم عملية إحياء الموتى.
دعوة الجبال
ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قبلها
قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قبلها
إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
--------------------------------------------
https://youtube.com/clip/Ugkx9ppcPbw1_n1KPMeCoIDrIs-Us2o6CoE9?si=LZg2PnxP1M_D6bzX
سؤال إبراهيم
ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا
https://youtube.com/clip/Ugkx8c4lxKhO53MGNEXNbcABgdkHXJO8gPXB?si=0_vsO85iVQiJdHba
التي أتت سعيا هي الجبال
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا
+++
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
+++
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا
الطير جزء الجبل، وهو كالروح تدخل إلى الجسد فتحييه
بعد أن جعل إبراهيم جزء الطير على الجبال حَييت من موتها، وأمكنه أن
يدعوها فتأتيه سعيا ويطمئن قلبه بهذا الجواب لسؤاله
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
سؤال إبراهيم عن إحياء الله الموتى من الموتتة الأولى، ومراده أن يطمئن قلبه بالجواب
الجواب من الله هو أنه يدعو الموتى فيأتون إليه أو يخرجون من الأرض تجاهه
الدعوة في سؤال إبراهيم لا تكون للطير لأن الطير حي، ودعوة الطير الحي لا تجيب على سؤال إبراهيم، لأن الذبح والتقطيع والتوزيع من خيال المفسرين
الدعوة في سؤال إبراهيم لا تكون إلآّ إلى الجبال الجامدة دون الطير الطائر، لأن الجبل ميت ليس فيه حياة. ودعوة إبراهيم للجبال هي التي يطمئن بجوابها قلبه
- وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ
- ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا
- وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
للمستعجلين فقط
--------------------
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
أمْر الله في الشيء أن يقول له كن فيكون
بالكلمة يخلق الله الشيء حيّا، وبالدعوة يحييه بعد موت
في الآية السابقة لهذه كان المتشكك في إحياء الله للناس بعد موتهم جزءا من المشهد بأن أماته الله ثم أحياه وأنشز له العظام وكساها لحما
أمّا إبراهيم المطمئن قلبه بالإيمان اطمأن قلبه حين جعل بنفسه الطير (مقابل الأرواح) على الجبال (مقابل الأجساد) ودعاهن فأتينه سعيا. إبراهيم لم يشهد إحياء آدمي ولا طير ميْت فقط، بل إحياء الجبال الجامدة يدعوها فيأتينه سعيا
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
إحياء الجبال الجماد هو إحياء من الموتة الأولى
وهذا كان سؤال إبراهيم
إحياء الطير الميت إحياء من الموتة الثانية
وهذا كان تفسير المفسرين للآية
لم يصدقني ليث (السلفي) عندما قلت له أن الذي أتى إلى إبراهيم سعياً هي الجبال. هو يرى أن كلام الله
يعارض ما قرأه في كتب المشايخ أو سمعه من تسجيلاتهم. هم يقولون أن الطيور الأربعة هي التي أتت سعياً.
وإلاّ لماذا يذكر الله الطير الذي أحياه بعد ذبحه ونتفه وتقطيعه، ثم يقول القائل أن الذي أتى سعياً هي الجبال؟
ما غاب عن ليث سبقه إلى غيابه المشايخ الذين بدّلوا الآيات بالمعجزات. قال تعالى في الآية 73 من سورة البقرة:
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ
كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
ضرب بنو إسرائيل الميّت ببعض البقرة التي أمرهم الله أن يذبحوها فأحياه الله بإذنه. وكذلك النبي إبراهيم أمره
الله أن يجعل جزءا من الطير على أربعة من الجبال، وأمره أن يدعوهن فدعاهن فأتينه سعياً:
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا
ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا
وهكذا أرى الله إبراهيم كيف يحيي الموتى من الموتة الأولى كما سأل. الجبال حَيَتْ من موتها وأتت إبراهيم
سعياً. السعي يكون من الأحياء وليس من الجماد الميّت. فالله يحيي بما يشاء، كما يشاء، متى يشاء.
لماذا بعث الله غرابا ولم يبعث حمامة أو دجاجة؟
لأن الغراب فاسق (ينقر الدم) وهو مقصود لهذا النعت.
----------------------------------------------------
لماذا أخذ إبراهيم طيراً دون تحديد نوع معيَّن؟
لآن الطير رمز للروح والحياة تستوي فيه أنواع الطير.
-----------------------------------------------------
لماذا كان عدد الطير لإبراهيم أربعة بالتحديد؟
لأن أقطار الأرض أربعة: شرقي وغربي وشمالي وجنوبي.
الجزء
-----
استوحى المفسرون مشهد الذبح والتنتيف والتقطيع من كلمة "جزءاً" بمعنى قِطَعَاً. ولكن الكلمة لا تعني ذلك:
"وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا"، أي عددا وليس قطعا. وكذلك: "لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ"،
أي أن الكافر يدخل النار كاملا.
الطير
-----
الطير هو رمز الروح، وهذا واضح في عيسى ابن مريم يخلق من الطين كهيئة الطير ويحيي به الموتى.
الطير ليس الدجاجة والحمامة والعصفور، في الآية: وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا. ليس في عنق أحدنا طيرا، ويوم القيامة يعود كل طير لعنق صاحبه بالتحديد.
ولهذا السبب كان عدد الطير في الآية محددا بأربعة، ولكن دون تحديد عدد الجبال.
الإحياء
-------
أعطى الله لإبراهيم القدرة على الإحياء بدعوته للجبال. وعند موسى كان المطلوب من بني إسرائيل أن يذبحوا
بقرة ليضربوا الميّت ببعضها فيحيا بإذن الله: فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.